Elham Dawsari

View Original

الصَّبـــَّـــــابــات: كرم الضيافة وتعاضد النساء

كتابة إلهام الدوسري

تحرير رضوان عقل

كتـابــات | أبـحــاث |


التعريف: ما هي مهنة الصبّابة؟

"الصبّابات" مصطلح دارج في السعودية ومنطقة الخليج يشير إلى النساء العاملات في مجال الضيافة ممن يقمن بإعداد وصب وتقديم القهوة العربية والشاي والحلويات وغيرها. يتم التعاقد معهن لتقديم خدمات الضيافة لمختلف المناسبات الاجتماعية النسائية وبالأخص حفلات الأعراس. ويشمل التعريف كذلك الصبابات العاملات في المنازل والقصور الخاصة

في التصنيف السعودي للمهن، يندرج كل من الصبابات والصبابين تحت المسمى المهني "قهوجي" والمعرّف كالتالي: "القيام بإعداد المشروبات كالقهوة والشاي والكاكاو والقهوة العربية وغيرها مما يطلبه الزبائن."

بينما يتم تداول المسميين "صبابة" و"قهوجية" بين أفراد المجتمع ومجتمع الصبابات كمرادفين لبعضهما بشكل عام، إلا أن هناك بعض الاختلافات الدقيقة في المهام الموكلة لكل مسمى، تبرز كلما ازداد حجم فريق الصبابات كما سيتم التطرق له

محور تركيز الورقة البحثية المدعمة بالصور

ترتكز هذه الورقة على الخلفية والعوامل الاجتماعية والاقتصادية التي نشأت منها وتطورت من خلالها مهنة الصبابات

لأغراض هذا البحث، سيكون تركيزي على الصبابات السعوديات في المناسبات الاجتماعية (والمشار لهن فيما بعد "بصبابات المناسبات" أو "الصبابات")  في مدينة الرياض بالتحديد، والمقامة في المنازل والاستراحات الخاصة والتجارية وقاعات الأفراح إلخ

اعتمد البحث على إعداد وجمع عدد من المقابلات الهاتفية والشخصية مع صبابات سعوديات من أجيال مختلفة، تتراوح خبراتهن المهنية بين ٦ سنوات وحوالي ٤٠ سنة، وأيضًا الطاقم الإداري أو الفني

من الجدير توضيح أن اقتصار البحث على الصبابات النساء لا يعني أن المهنة حكرٌ على النساء، بل يُعرف الرجال أيضا بإعداد وصب القهوة في المناسبات الرجالية. إنما أخص النساء بالبحث لإثراء المحتوى البحثي والفني المعني بتاريخ وشؤون وقصص النساء في السعودية


مقدمة

الالتفاف الدقيق للبخنق حول عنقها ورأسها وكعكة شعرها

تسترسل خفة سواده بسخاء حتى محزمها 

فيعانق نحرها المكشوف المحلى بالذهب ولا يخفيه 

متوشحا عضدها الأيسر يتهدّل

حتى يرْتُب ساعدها كلما توقفت لتصب فنجان آخر

ترفع كوعها وتميل الدلة

ينهمر سيلٌ من القهوة ذهبيٌ

في فنجان تمده يمناها مع رنّة قُبلة الدلة

أُمسك الفنجان وألتقي بعينيها

يؤطرهما جانبي مفرق شعرها 

المُمَلّس بعناية

تلك العناية

الموجودة في كل جزء آخر من وجود الصبابة


هنّ مثل فيلم صامت، مهيب وغير منطوق. فقدرتهن على نقل فلسفتهن المهنية والشخصية دون نطق كلمة واحدة مع الضيوف أمرٌ يهاب ويقدّر في نظري. لقد تعددت المرات التي ظللت أرقب فيها مظهر وحركة الصبابات في مناسبات الزواج في صغري. وكنت ولا زلت أفقد انتباهي أثناء زفة العروس، لكن يتجلى جله عند إقبال صبابة. 

وبعد أن بدأت بحثي هذا بعد ما يزيد عن عشرين عامًا من رؤية أول صبابة، أدركت أن الغموض المحيط بهن يعود إلى فقدان عنصر التواصل الإنساني نتيجة للفجوة الاجتماعية والاقتصادية وندرة الأبحاث حولهن. فعزمت على البحث في العوامل الاجتماعية والاقتصادية لحياة الصبابة، لتشكيل فهم مبدئي، إلا أن حديث الصبابات وتعاملهن رسما مفهوم أعمق لماهية الصبابة. 

أجج اهتمامي الشخصي الطويل بموضوع الصبابات حديثي مع الفنانة والقيّمة الفنية تارا الدغيثر ومشروعها "صوت الصورة" التوثيقي للإرث النسائي السعودي، وبالأخص الأصوات الغنائية. بدأتُ بحثي بعد إعلانها لإقامة فنية من خلال تعاونها مع "فن جميل". امتناني وشكري لتارا على دعمها المتفاني وشغفها الملهم، وأخص بالشكر الريّسات أم فهد وأم حسان وكافة الصبابات على تجاوبهن ومشاركتهن جمال أرواحهن وعظيم تجاربهن معي. وجزيل امتناني للأهل والأصدقاء الداعمين قلبًا وقالبًا، مع شكر خاص للمخرجة والمصورة الحائزة على جوائز هند الفهاد على دعمها أثناء وبعد جلسة التصوير.

من الجدير التنويه بنقطتين: أولًا أن تاريخ الصبابات هو موضوع شحيح التوثيق في المصادر والمراجع. فلم أجد مصدرًا واحدًا عن تاريخهن في المكتبات المحلية. ولذلك فإن ما جاء في البحث هو سرد وتحليل للمنقول عن ذاكرة الصبابات وتجاربهن الشخصية في المهنة، وبعض المواد التسويقية لهن في المنتديات والمواقع الالكترونية وحسابات منصات التواصل الاجتماعي. ثانيًا، أن صور الصبابات الداعمة لهذا البحث هي تمثيل واقعي من قِبَل صبابات إحدى مؤسسات الضيافة السعودية لمظهر الصبابة اليوم وبعض جوانب مهنتها، فيما عدا لبس البرقع. فلا تخفي الصبابة وجهها أو تلبس البرقع عادة في المناسبات النسائية إلا في بعض المناطق والحالات النادرة وفقًا للعادات الاجتماعية المحلية، إحداها جلسة التصوير هذه. 


ا ©2021 إلهام الدوسري. كامل الحقوق محفوظة. أي إعادة انتاج أو نشر للبحث مشروط بموافقة الفنانة

فيديو توثيقي مرفق لآلية ارتداء الشيلة والزي الموحد للصبابات